ليبيا الصراع الروسي لإعادة التسلح
.. حل للازمة الليبية
المشهد الليبي على غاية الخطورة، ولعل صراع المصالح والتوازنات
الدولية الإستراتجية تعمل على تقلبات الأوضاع السياسية الليبية التي من شأنها تمثل
رؤية مسار استقرار الدولة الليبية في المستقبل القريب.
يستوجب علينا قدرا كبيرا من متابعة العلاقات الروسية الليبية
التاريخية التي رزنت فيها روسيا من إمداد العتاد المسلح لتصنع من ليبيا اكبر دولة ترسانة أسلحة
في الماضي بالقارة الأفريقية والتي أهدر منها
كميات كبيرة من مخزونها في الحرب الليبية الداخلية.
بعيدا عن الانحياز لهذا الطرف أو ذاك وبعيدا عن المنطلقات الإيديولوجية
والسياسية كأدوات للتحليل مسار النظام السياسي الليبي الجديد نجد إن التسلح اخذ
مجراه مرة أخرى نصيب كبير من إرادات الدولة الليبية.
ما نراه اليوم في ليبيا بطلب
التسلح من القوى العظمى مرة أخرى طاغيا على إمكانيات ليبيا المادية، وبعيدا من أغلب
الرؤى والقراءات التي يجب أن تنصب في مجال
برامج التنمية والإصلاحات الاقتصادية المتناولة للشأن الليبي الداخلي.
انقسامات داخلية تسعى بعض الأطراف
السياسية الليبية للسيطرة على البلاد بقوة السلاح المستورد من الخارج بعد فشل التجربة
الديمقراطية وفشل كل مساعي الحوار وانهيار المسار السياسي بين مختلف القوى الفاعلة
في البلاد للتوجه الى روسيا مرة أخرى الى رفع حظر التسلح من الأمم المتحدة.
معادلة صعبة ليس باليسير على
المجتمع الليبي تقبل التسلح على غرار التنمية الاقتصادية الشاملة وخروج ليبيا من
أزماتها الاقتصادية عند وجود التضخم المالي وشحت الموارد المالية من عائدات النفط
والغاز الذي اخذ في النقصان المستمر مسبب عجزا كبيرا في خزانة الدولة الليبية من
العملة الصعبة.
مصالح العالم تتمثل في الهلال النفطي الساحلي حيث مصالحها تتقاطع
اليوم بإمدادات ليبيا بالسلاح والعتاد في حروب داخلية حتى تستطيع تلك
القوى أن تحجم الدولة الليبية من أي نهضة اقتصادية والعمل على المزيد من التسلح .
روسيا مستعدة من جانبها إمداد
ليبيا بالعتاد العسكرية بعد ما تتوصل الأطراف السياسية المتنازعة توحيد الجيش
الوطني الليبي، لكن العائق القانون الدولي لروسيا يكمن في عدم موافق الأمم
المتحدة برفع حظر التسلح دون أخذت طابع عدم تهميش أي من اللاعبين الليبيين في
الشرق والغرب .
روسيا تعد اكبر مصدر الأسلحة الى
ليبيا في الماضي وتتصف ليبيا البلد الأكبر المستوردة للأسلحة في شمال أفريقيا طبقا
الى تقارير ودراسات التسلح الغربية التي تشير أن الفريق أبو بكر يونس جابر عقد
حزمة من عقود بقيمة 1.8 مليار دولار لشراء أسلحة روسية في يناير من عام 2010.
واليوم نرى أن القوة الأكثر
تنظيما هي قوات الجيش الوطني العربي الليبي بيد المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على
الشرق تحت إمرة مجلس النواب، الذي يرفض المشير خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطني
برئاسة فائز السراج المعترف بها دوليا وليس معترف بها من قبل البرلمان الليبي في
مدينة طبرق.
توحيد الجيش الليبي يجب أن يكون
بعيدا عن المليشيات المسلحة الليبية التي توغلت في سلطة الدولة الليبية، فلا وجود
للجيش الوطني العربي الليبي تحت سيطرة كاملة من المليشيات المسلحة الليبية.
لن يرفع حظر التسلح على ليبيا
كما تتطلع إليه روسيا وأطراف ليبية تريد التسلح مرة أخرى، إلا مع توافق كامل من
الأطراف السياسية الليبية التي تتجه نحو توحيد الجيش وخلق ظروف سياسية مناسبة تعمل
على استقرار الدولة الليبية و تجنب ولاءات عسكرية خارج نطاق الجيش الوطني العربي
الليبي.
التسلح في ليبيا ليس من شأنه
إعادة ترسانة أسلحة ليبيا مرة أخرى كما كانت ليبيا عليها في الماضي بل تسلح من اجل
حماية ليبيا من القوى الخارجية التي تتعدى على مقدرات الدولة الليبية وهى المعضلة
التي تواجها الدول الغربية أمام المجتمع الدولي في من هو الجيش الليبي القادر على
تحمل هذه المسؤولية ويرفع عنه حظر التسلح.
والتشكيلات العسكرية في ليبيا
المختلفة اليوم تتكون من أغلبية الثوار ويملك اكبر ترسانة عسكرية اغلبها مما
استولى عليه الثوار من القوات العسكرية من النظام السابق الذي كان يملك اكبر
ترسانة أسلحة في القارة الأفريقية، هذه التشكيلات العسكرية هي التي يجب عليها أن
تنظم بطرق أو أخرى الى الجيش الوطني
العربي الليبي في أنها الصراع المسلح في ليبيا.
أن اغلب مقدرات الاقتصادية في
الدولة الليبية تسيطر عليها حكومة الوفاق الوطني، أموال من بعض عائدات النفط
الليبي المصدرة التي تعود الى مصرف ليبيا المركزي الكائن في طرابلس وكذالك الموانئ
التجارية الكبرى ومركب الحديد والصلب في مصراته ومصانع الاسمنت والمركبات
الكيماوية والمصارف التجارية العاملة في ليبيا، وإما ميناء طبرق في المنطقة
الشرقية يصدر منه كمية بسيطة من النفط الخام ولا يوجد في المنطقة الشرقية أي مردود
اقتصادي هامة عليها مثل ما هو عليه في المنطقة الغربية.
ليبيا غنية بمواردها الطبيعية
وخاصة من النفط والغاز الذي يمثل أكثر من 90 بالمئة من مصادر الدخل الخارجي من
العملة الصعبة وهو ما يجعل القوى الغربية مهيمنة على اقتصاديات الدولة الليبية
ويجعل من ليبيا دولة ريعية بامتياز تعتمد عليها المنطقة الشرقية والوسطى وجنوب
ليبيا في النهضة الاقتصادية الشاملة.
المنطقة الشرقية لازالت تعاقب
بالأخص مدينة بنغزي شرارة الثورة الليبية وعقابها أن تعيش في حالة عدم الاستقرار
والحرمان من موارد الدولة الليبية طيلة هذه الثورة الشعبية الليبية التي انطلقت
منها هتافات التغير والإصلاح والتنمية الاقتصادية الوطنية الشاملة.
الصراع في ليبيا لا نستطيع حسمه
إلا عن طريق الصلح بين المنطقة الشرقية والغربية والى مد جسور التعاون المشترك بين
الطرفين والعدالة الانتقالية في السلطة والثروة والسلاح.
بقلم الأستاذ رمزي حليم مفراكس
Comments
Post a Comment